فصل: اضطراب كرمان على عضد الدولة.

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: تاريخ ابن خلدون المسمى بـ «العبر وديوان المبتدأ والخبر في أيام العرب والعجم والبربر ومن عاصرهم من ذوي السلطان الأكبر» (نسخة منقحة)



.أخبار عضد الدولة في ملك عمان.

لما توفي معز الدولة كان أبو الفرج بعمان فسار عنها لبغداد وبعث إلى عضد الدولة بأن يتسلمها فوليها عمر بن نبهان الطائي بدعوة عضد الدولة ثم قتلته الزنج وملكوا البلد وبعث عضد الدولة إليها جيشا من كرمان مع قائده أبي حرب طغان وساروا في البحر وأرسوا على صحار وهي قصبة عمان ونزلوا إلى البر فقاتلوا الزنج وظفروا بهم واستولى طغان على صحار سنة اثنتين وستين وثلثمائة ثم اجتمع الزنج إلى مدين رستان على مرحلتين من صحار فأوقع بهم طغان واستلحمهم وسكنت البلاد ثم خرج بجبال عمان طوائف الشراة مع ورد بن زياد منهم وبايعوا لحفص بن راشد واشتدت شوكتهم وبعث عضد الدولة المظفر بن عبد الله في البحر فنزل في أعمال عمان وأوقع بأهل خرخان ثم سار إلى دما على أربع مراحل وقاتل الشراة فهزمهم وهرب أميرهم ورد بن حفص إلى يزوا وهي حصن تلك الجبال ولحق حفص باليمن فصار فيه معلما واستقامت البلاد ودانت لطاعة عضد الدولة.

.اضطراب كرمان على عضد الدولة.

كان ظاهر بن الصنمد من الحرومية وهي البلاد الحارة قد ضمن من عضد الدولة ضمانات واجتمعت عليه أموال ولما سار عضد الدولة إلى العراق وبعث وزيره المظهر بن عبد الله إلى عمان خلت كرمان من العساكر فطمع فيها ظاهر وجمع الرجال الحرومية وكان بعض موالي بني سامان من الأتراك واسمه مؤتمر استوحش من ابن سيجور صاحب خراسان فكاتبه ظاهر وأطمعه في أعمال كرمان فسار إليه وجعله ظاهر أميرا ثم شغب عليه بعض أصحاب ظاهر فارتاب به مؤتمر وقاتله فظفر به وبأصحابه وبلغ الخبر إلى الحسين بن علي بن الياس بخراسان فطمع في البلاد وسار إليها واجتمعت عليه جموع وكتب عضد الدولة إلى المظهر بن عبد الله وقد فرغ من أمر عمان بالمسير إلى كرمان فسار إليه سنة أربع وستين وثلثمائة ودوخ البلاد في طريقه وكبس مؤتمرا بنواحي مدينة قم فلحق بالمدينة وحصره فيها حتى استأمن وخرج إليه ومعه ظاهر فقتله المظهر وحبس مؤتمرا ببعض القلاع وكان آخر العهد به ثم سار إلى ابن إلياس وقاتله على باب جيرفت وأخذه أسيرا وضاع بعد ذلك خبره ورجع المظهر ظافرا وصلحت كرمان لعضد الدولة.

.وفاة ركن الدولة وملك ابنه عضد الدولة.

كان ركن الدولة ساخطا على ابنه عضد الدولة كما قدمناه وكان ركن الدولة بالري فطرقه المرض سنة خمس وستين وثلثمائة فسار إلى أصفهان وتلطف الوزير أبو الفتح بن العميد إليه في الرضا عن ابنه عضد الدولة وأن يحضره ويعهد إليه فأحضره من فارس وجمع سائر ولده وكان ركن الدولة قد خف من مرضه فعمل الوزير ابن العميد بداره صنيعا وأحضرهم جميعا فلما قضوا شأن الطعام خاطب ركن الدولة بولاية أصفهان وأعمالها نيابة عن أخيه عضد الدولة وخلع عضد الدولة في ذلك اليوم على سائر الناس الأقبية والأكسية بزي الديلم وحياه إخوته والقواد بتحية الملك المعتاد لهم وأوصاهم أبوهم بالاتفاق وخلع عليهم من الخاص وسار عن أصفهان في رجب من السنة ثم اشتد به المرض في الري فتوفي في محرم سنة ست وستين وثلثمائة لأربع وأربعين سنة من ولايته وكان حليما كريما واسع المعروف حسن السياسة لجنده ورعيته عادلا فيهم متحريا من الظلم عفيفا عن الدماء بعيد الهمة عظيم الجد والسعادة محسنا لأهل البيوتات معظما للمساجد متفقدا لها في المواسم متفقدا أهل البيت بالبر والصلات عظيم الهيبة لين الجانب مقربا للعلماء محسنا إليهم معتقدا للصلحاء برا بهم رحمه الله تعالى.

.مسير عضد الدولة إلى العراق وهزيمة بختيار.

ولما توفى ركن الدولة ملك عضد الدولة بعده وكان بختيار وابن بقية يكاتبان أصحاب القاصية مثل فخر الدولة أخيه وحسنويه الكردي وغيرهم للتظافر على عضد الدولة فحركه ذلك لطلب العراق فسار لذلك وانحدر بختيار إلى واسط لمدافعته وأشار عليه ابن بقية بالتقدم إلى الأهواز واقتتلوا في ذي القعدة من سنة ست وستين وثلثمائة ونزع بعض عساكر بختيار إلى عضد الدولة فانهزم بختيار ولحق بواسط ونهب سواده ومخلفه وبعث إليه ابن شاهين بأموال وسلاح وهاداه وأتحفه فسار إليه إلى البطيحة وأصعد منها إلى واسط واختلف أهل البصرة فمالت مضر إلى عضد الدولة وربيعة مع بختيار صوبت مضر عند انهزامه وكاتبوا عضد الدولة فبعث إليهم عسكرا واستولوا على البصرة وأقام بختيار بواسط وقبض الوزير ابن بقية لاستبداده واحتجازه الأموال وليرضى عضد الدولة بذلك وترددت الرسل بينهم في الصلح وتردد بختيار في إمضائه ثم وصله ابنا حسنويه الكردي في ألف فارس مددا فاعتزم على محاربة عضد الدولة ثم بدا له وسار إلى بغداد فأقام بها ورجع ابنا حسنويه إلى أبيهما وسار عضد الدولة إلى البصرة فأصلح بين ربيعة ومضر بعد اختلافهما مائة وعشرين سنة.